اضواء علي مشروع الجزيرة التطورات، و المتغيرات و قانون 2005م
تقديم الخبير في البنك الدولي
الدكتور سلمان محمد احمد سلمان
عرض صديق عبد الهادي
الجزء الاول
كجزءٍ من المساهمة في بلورة دورٍ جديد للمهاجرين السودانيين، درج المكتب الثفافي للجالية الامريكية السودانية في منطقة واشنطن الكبرى ، و هي واحدة من انشط الجاليات في الولايات المتحدة الامريكية ، علي إقامة نشاطات ثقافية متميزة ، إحتلت فيها القضايا المتعلقة بالوطن ـ السودان ـ و بهموم شعبه حيزاً براحاً.
مما لا خلاف حوله أن المهاجرين السودانيين في كل انحاء العالم اصبحوا
يحـتـاجون اليوم ،اكثر من اي وقتٍ مضى، لان يكونوا اكثر ارتباطاً بالوطن الام و بقضاياه بعد ان اضحى العالم ، فعلاً و ليس مجازاً، قرية واحدة، قد لا تكون مترامية الاطراف ، و لكنها في الوقت نفسه ليست صغيرة الي ذلك الحد الذي امست تتبدى فيه لمنْ جاشت بانفسهم بدائع ثورة المعلومات. ضمن ذلك النشاط الدؤوب قدم المكتب الثقافي للجالية الامريكية السودانية في يوم 10 مايو 2008م ، الخبير السوداني في البنك الدولي الدكتور سلمان محمد احمد سلمان في ندوة عن مشروع الجزيرة في السودان. و ذلك ما نحاول ان نعرض له في هذه المقالات.
مقدمــة/
من ضمن الاسباب التي عنت بوجوب عرض هذه الندوة علي اكبر عدد من القراء في السودان و خارجه هو ان اهمية موضوع مشروع الجزيرة في السودان اصبحت لا تأتي من تاريخه او سنواته الثمانيين التي سلفت ، و انما هي تاتي من مستقبله. فالسودان اليوم يمر بادق مراحل تاريخه ليس علي المستوى السياسي، كما يفهم الكثيرون، و انما علي المستوى الاقتصادي اكثر تحديداً، حيث ان قضايا الثروة و توزيعها ، و قد يكون لاول مرة في تاريخه الحديث، قُدِر لها ان تكون محل تركيز و إهتمام ، بل ان ضرورة معالجتها العادلة و السليمة اصبحت تشكل، و باجماع السودانيين، الضمان الاساس لوقف النزيف و قيام السلام و الوحدة.
اما السبب الآخر هو ان الدكتور سلمان محمداحمد سلمان فوق تخصصه النادر في قانون المياه علي مستوى العالم و تمثيله للبنك الدولي في هذا المجال ، فإنه خبير مشهودٌ له بالتزام الرصانة البحثية و محفوظٌ له مثابرته علي مراصفة التجويد، و في هذا الصدد سيجد القاري ان وقائع هذه الندوة لاتحيد عن ذلك التاكيد.
في الدائم الاعم ، ان القارئ يسعى، بل و يتوق احياناً اكثر من الباحث نفسه، الي التاكد من ان المعلومة ليست هي المحجة و المقصد في ذاتها و انما تحليلها و ربطها بظرفها و علاقتها بوقائع الحالة في شمولها هو في نهاية المطاف مما يساعد علي التصدي و المواجهة المسئولة للقضايا الشائكة، و ذلك ما هو مطلوبٌ في معالجة وضع كالذي في مشروع الجزيرة. هذا ما حاول ان يقوله الدكتور سلمان ، و كذلك ايضاً ما حاول ان يؤكد به موقفه الثابت من احترام الاختلاف المبني علي المعرفة. و هذا موقف يجد كل التقدير ، بل و هو في جوهره مبتغى كل عارف.
وقائع الندوة:
السؤالان المدخل/
طرح د. سلمان سؤالين كمدخلٍ لمحاضرته ،الاول ، ما هي علاقة المتحدث بمشروع الجزيرة و ما هي المقومات و الارضية التي ارتكز عليها في تقديمه لهذه الندوة عن المشروع؟ .
اما السؤال الثاني فهو لم كل هذا الاهتمام الكبير و المفاجئ من قبل السياسيين ، حكومة و معارضة، اكاديميين ، منظمات مجتمع مدني، و بل كافة قطاعات الشعب السوداني بمشروع الجزيرة؟!!!.
يشير د. سلمان في اجابته عن السؤال الاول الي أنه و بسبب تفاقم مشاكل مشروع الجزيرة بدءاً من منتصف السبعينات في القرن المنصرم لجأت الحكومات المتعاقبة الي تكوين لجان و كذلك الي الاستعانة بالمنظمات الدولية للنظر في امر المشروع و مشاكله، و من ثم تقديم توصيات لعلاج تلك المشاكل. فعند هذه النقطة ، و كما اشار، جاءت علاقته هو بالمشروع ، و ذلك بحكم عمله في البنك الدولي. تناول بشكلٍ خاص اللجنة التي كونت في بداية عام 1998م و قدمت تقريرها في نوفمبر عام 1998م.حيث ذكر بان اهم توصياتها هي ، اولا قيام شركة مساهمة تؤول اليها ملكية مشروع الجزيرة بحيث تكون الاصول المملوكة حالياً للدولة اسهماً لها، و يُطلب من القطاع الخاص و المصارف التجارية و الزراع و العاملين بالمشروع و المواطنين الراغبين المساهمة في هذه الشركة. و يمكن للحكومة ان تبيع أسهمها في هذه الشركة إن ارادت.
ثانياً اوصت اللجنة بان توقع الشركة عقوداً لعلاقات الانتاج مع جميع الزراع سنوياً.
ترددت الحكومة في قبول هذه التوصيات ، و اتصلت في عام 1999م بالبنك الدولي ـ الحديث هنا للدكتور سلمان ـ و طلبت من البنك دراسة مشاكل المشروع ، و تقديم توصيات لحلها مع النظر في مقترحات و توصيات لجنة عام 1998م. لابد هنا من الاشارة الي حقيقة ان علاقة البنك و حكومة السودان كان ان وصلت الي طريق مسدود في العام 1993م ، و ذلك بسبب توقف حكومة السودان عن سدادها للقروض المستحقة عليها للبنك الدولي. و قد قام البنك بالفعل في ذلك العام بالغاء المشاريع التي كان يقوم بتمويلها في السودان، و كذلك قام بإغلاق مكتبه في الخرطوم. برغمه وافق البنك علي الطلب و تم تكوين فريق عمل مشترك بينه و حكومة السودان. ضمّ الفريق الي جانب ممثلي البنك متخصصين من السودانيين في مجالات الزراعة، الري، و الاقتصاد من خارج الحكومة. و قد اصدر الفريق تقريره في اكتوبر 2000م تحت عنوان ” السودان: خيارات التنمية المستدامة في مشروع الجزيرة”.
في اوائل عام 2002م طلبت حكومة السودان من البنك الدولي المساهمة في مناقشة و تطبيق مقترحات التقرير الذي قٌدِم اليها في العام 2000م. طُلِب من د. سلمان الالتحاق بفريق عمل البنك الدولي لتقديم المشورة و العون في المقترحات الخاصة بادارة الموارد المائية في مشروع الجزيرة و ذلك بوصفه المستشار القانوني لشئون المياه في البنك الدولي. و كان ان اصبح واحداً من اعضاء ذلك الفريق بالفعل. اشار د. سلمان الي حقيقة انه قام و خلال الخمسة اعوام الماضية ، بزيارة مشروع الجزيرة سبع مرات، و طاف علي عدد كبير من اقسامه و إلتقى بعددٍ كبيرٍ من المزارعين و الموظفين و اتحاد المزارعين و كذلك بادارة المشروع. ذلك العمل اتاح له فرصة التعرف بشكلٍ ادق و عميق علي مشاكل المشروع و معوقات انتاجه، علي حسب ما ذكر، بل انه قال بان تلك المهمة التي قام بها ستظل من اكثر المهام التي قام بها خلال فترة عمله المديدة بالبنك، اهميةً. فتلك كانت هي ركيزة علاقته بمشروع الجزيرة و ركيزة استقائه المعلومات مما مكنه من الحديث عن المشروع.
يُلاحظ دائماً ان د.سلمان ، وفي كل ندواته، يكون حريصاً علي تاكيد ان الآراء و الافكار التي ترد منه لا تمثل و باي حال من الاحوال و لا تعبر عن آراء البنك الدولي او اراء و افكار اي فريق يعمل من ضمنه.، و انما هي بالضرورة افكاره الخاصة. وهذه بحق فضيلة علمية رفيعة لا يتمسك بها الا منْ عمر وجدانهم بالشجاعة المهنية. لانه ، و كما هو معلوم، ليس هناك من مأمنٍ اضمن لإتقاء سهام النقد من الإستجارة بظل الغير!!!.
وفي اجابته عن السؤال الثاني، يرى د. سلمان ان ذلك الاهتمام المتزايد الحالي بمشروع الجزيرة مرده الي ازمة الغذاء الحادة التي تنتظم العالم اليوم، و التي تهدد الكثير من دوله. و قد تجلت تلك الازمة في عدة مظاهر، منها:
(*) الارتفاع الجنوني لاسعار السلع الغذائية الاساسية في العالم.
(*) التخوف الذي ابدته معظم الدول من المشاكل المصاحبة لهذا الارتفاع مما حدى بها الي اتخاذ اجراءات تحد من تصدير المواد الغذائية خارج حدودها.
(*) تسبب اعلاه في قلة العرض مما ادى و يؤدي بالنتيجة الي ارتفاع الاسعار. و بالطبع كان للسودان نصيبه في ذلك.
من جانبٍ آخر كانت هناك اسباب وراء تلك الازمة الغذائية التي تجلت مظاهرها فيما سبق ذكره. و يمكن اجمال تلك الاسباب فيما يلي /
اولاً/ الازدياد المطرد لسكان العالم. في عام 1900م كان عدد سكان العالم 1,6 مليار، اي اقل من مليارين من البشر. وصل الي 6,1 مليار في العام 2000م، و من المتوقع ان يصل عدد سكان المعمورة الي 9 مليارات بحلول 2050م. لابد من القول بانه و بالنتيجة زادت كذلك الهجرة من الريف الي المدينة.
شهدت الطبقة الوسطى توسعاً عددياً في اكثر دولتين كثافة في العالم، و هما الهند و الصين، و قد زادت كذلك القوة الشرائية لتلك الطبقة ايضاً. فيما يخص الهجرة من الريف الي المدينة نرى ان تلك الظاهرة اصبحت اكثر وضوحاً في السودان حيث اصبحت المدن و خاصة الخرطوم مراكزاً لاستقبال تلك الهجرة ـ الكثافة السكانية فيها تقارب 10 مليون نسمة ـ ، فذلك يعني فيما يعني الهجرة من الذرة الي القمح استعمالاً . و معلومٌ ان السودان يستورد 60% من احتياجاته في القمح من الخارج!!!.
و توضح الاحصائيات و المعلومات المتوفرة ان عائدات الانتاج بالنسبة لاكثر الحبوب اهمية علي مستوى البلدان النامية في العالم قد شهدت تناقصاً كبيراً. و تلك المحاصيل هي القمح ، الذرة الشامي و الارز. مثلاً بالنسبة للقمح فقد تناقص معدل النمو السنوي في انتاجه بين عامي 1961م و 2000م من 10,25% تقريباً الي 1% تقريباً!!!. فهذه احصائيات تقف دليلاً علي ما ذكرنا اعلاه، فإنها بالقطع تعني الكثير بالنسبة للمهتمين بامر الغذاء في العالم.
ثانياً/ المتغيرات المناخية ، و خاصةً الاحتباس الحراري فقد اثر سلباً علي الانتاج الزراعي في اقطارٍ كثيرة من العالم و كمثال علي ذلك ان استراليا قد توقفت عن زراعة الارز و قللت كثيراً من زراعة القمح بسبب الجفاف. تقول الاحصائيات ان صافي عائد انتاج الفدان من الارز يعادل حوالي 240 دولاراً في حين ان صافي العائد بالنسبة لنفس الفدان من العنب يعادل 1680 دولاراً. بالتاكيد إذا ما كنا نعلم ان الارقام لا تكذب، فان خيار المزارعين الاستراليين سيكون واضحاً وهو التقليل من زراعة اي محصولٍ آخر عدا العنب.
ثالثاً/ اثر استعمال الحبوب خاصة الذرة الشامي في انتاج الوقود الحيوي سلباً علي المساحات المزروعة بغرض انتاج الحبوب لاجل الغذاء و ذلك بالضغط عليها و تقليل مساحتها، مما ادى الي وصف انتاج الوقود الحيوي بانه “جريمة ضد الانسانية”!!!.
رابعاً/ ارتفاع اسعار المحروقات انعكس في زيادة اسعار المدخلات الزراعية ، مما ادى الي ارتفاع تكاليف الانتاج.
خامساً/ ضعف الدولار و انخفاضه اثر في ارتفاع الاسعار ـ لاحظ ارتفاع سعر البترول ـ حيث وصل سعر البرميل الي 130 دولار و هو ضعف سعر البرميل في نفس الوقت من العام الماضي مثلاً. سادساً/ المضاربات المستقبلية باسواق السلع ، و قد شمل ذلك القمح و الارز.
سابعاً/ اجراءات الحد من تصدير المواد الغذائية بواسطة بعض الدول ادى الي شحها و من ثمّ الي ارتفاع اسعارها في كثير من دول العالم مما تسبب في الكثير من الاضطرابات و الاحتجاجات الدامية في عدد من الدول مثل هاييتي، مصر، بوركينا فاسو و غيرها.
ثامناً/ الدعم الذي تقدمه الدول الصناعية الكبري لمزارعيها افقد المزارعين في البلدان الاخرى القدرة علي المنافسة، و قد اثر ذلك سلباً علي الانتاج في تلك الدول. و تاسعاً/ تدني الاستثمارات العالمية في القطاع الزراعي و احجام القطاع الخاص عن الاستثمار فيه بسبب المخاطر المتوقعة، حيث هبط من 1,9 مليار دولار في عام 1981م الي اقل من مليار دولار في عام 2001م.
تلك هي الاسباب التي انتجت الازمة الغذائية علي مستوى العالم، و التي انعكست بشكلٍ واضح في عدم مقدرة الناس، في كثير من بلدان العالم ، علي شراء المواد الاساسية حيث ارتفعت اسعار الحبوب و خاصة الضرورية منها كالارز، القمح و الذرة الشامي بنسبة تراوحت بين 50% و 300% في الفترة من يناير 2007م و حتى مايو من العام الجاري 2008م فقط.
علي اية حال، لابد لنا من اضاءة بعض الحقائق علي المستوى الاقليمي لان ذلك سيساعد كثيراً في الاقتراب من الموضوع الذي نحن بصدده. من تلك الحقائق ان العالم العربي يستورد 76% من المواد الغذائية التي يستهلكها من الخارج، و في سبيل توفير ذلك يتم صرف حوالي 40 مليار دولار سنوياً، اي حوالي 3,5 مليار شهرياً بواقع 120 مليون دولار يومياً!!!.
و من تلك الحقائق ايضاً ان مصر تستهلك حوالي 14 مليون طناً من القمح سنوياً ، تستورد منها ما يعادل 7 مليون طن من الخارج. و كذلك السودان يدور في نفس الرحى إذ يستهلك مليونين طن من القمح و يستورد منها 1,3 مليون طن من الخارج.
الآن يمكن تصور الوضع الاقليمي ـ علي الاقل في الوطن العربي ـ حين يتم ربط هذه الحقائق بحقيقة ان 60% من المياه الجارية في الوطن العربي تأتي اليه من خارج حدوده. فذلك وضعٌ معقد، علي إثره استيقظ العالم العربي علي اهمية مسألة “الامن الغذائي” و من ثم ادرك اهمية و امكانيات السودان الزراعية.
الناس في السودان ليسوا بمعزلٍ عن ذلك او عما يجرى علي صعيد العالم، فقد كان لابد لهم ايضاً من التأمل ، و من نفس النافذة التي اطل منها العالم، في مسألة ” الامن الغذائي”، و من ثم القاء نظرة متأنية علي القطاع الزراعي و الذي يمثل مشروع الجزيرة مركز الثقل فيه، حيث انه الاكبر مساحةً و الاقدم عمراً، و الذي قد يكون و بمعايير مختلفة الاوفر حظاً في تخفيف ذلك الهاجس المتعلق بمسالة “الامن الغذائي” ، اقله علي مستوى الوطن.
الجزء الثاني
خلفية المشروع /
معلومٌ ان الحديث عن مشروع الجزيرة قد ارتبط ارتباطاً وثيقاً بمسالة زراعة القطن في السودان. اصبح من غير الممكن التفكير في مشروع الجزيرة دون ربطه بالقطن، و لقد لعبت عوامل كثيرة دوراً في ترسيخ ذلك الربط سواءً إن كانت سياسة الدولة، او سائل الاعلام بكل اشكالها ، او المناهج التعليمية في المراحل المختلفة، حيث كان الضوء مسلطاً علي مشروع الجزيرة و انتاجه للقطن و آثار ذلك علي الخزينة و الدخل القومي و من ثمّ علي التنمية في السودان بشكلٍ عام. هنالك عوامل تاريخية لا يستقيم بدونها الحديث عن مشروع الجزيرة و مسألة زراعة القطن فيه. إن الانبهار بذلك النجاح الساطع الذي حققه مشروع الجزيرة في تبني زراعة القطن خلال زمن طويل من تاريخه ، لايرجع فقط الي الانتاجية العالية التي حققها المشروع في ذلك المحصول خلال جزءٍ كبير من عمره، و انما يرجع ايضاً و تاريخياً الي فشل التجارب السابقة لمحاولة زراعة القطن في مناطق مختلفة من السودان، و في عهود تاريخية مختلفة كذلك. فمثلاً، في ستينيات القرن التاسع عشر و ابان الحكم التركي فشلت محاولة ممتاز باشا لزراعة القطن في دلتا القاش و طوكر، و ذلك لاسباب تتعلق بالتربة و المياه و المناخ و الامن في تلك المنطقة. ولبعض الاسباب المشتركة مع تجربة ممتاز باشا ـ التربة و المناخ ـ فشلت ايضاً تجربة المستثمر الامريكي ” لي هنت” في منطقة الزيداب في عامي 1906م و 1907م.
و للمرة الثانية، ايضاً، فشلت التجربة في دلتا القاش و طوكر ، و التي قامت بها شركة كسلا الزراعية اثناء الحكم الثنائي و لنفس الاسباب التي ادت لفشل تجربة ممتاز باشا. في العام 1911م اتجهت انظار ادارة الحكم الثنائي نحو الجزيرة . بدأت بالفعل التجربة بواسطة شركة السودان الزراعية ، و ذلك بزراعة 250 فدان في منطقة طيبة لتروى بالري الصناعي عن طريق الطلمبات. ادى نجاح هذه التجربة الي زيادة تدريجية في الرقعة الممنوحة من الارض لشركة السودان الزراعية.
تضافرت عوامل كثيرة في نجاح التحربة و من ثم ميلاد و تطور مشروع الجزيرة. و يمكن تلخيص هذ العوامل في الآتي /
اولاً/ خصوبة التربة، اوضحت انه لن يكن هناك احتياج كبير للسماد و للمخصبات.
ثانياً/ طبيعة التربة و تماسكها قلل من تسرب المياه و ساعد علي بقائها لري القطن.
ثالثاً/ القرب من النيلين ـ الازرق و الابيض ـ ساعد وأدى الي بناء السدود و زيادة و تنظيم عملية الري.
رابعاً/ طبيعة الارض المنبسطة ساعدت ، و هذه من اهم الاسباب، علي الري الانسيابي الطبيعي. و قد ادى ذلك ، بالطبع ، الي تقليل تكلفة الانتاج مقارنةً بالري الصناعي.
خامساً/ العامل المناخي حيث ساعد فصل الصيف بحرارته العالية جداً و جفافه علي القضاء علي كثير من الآفات و الحشرات في المشروع و قلل بذلك من الاعتماد علي المبيدات.
سادساً/ الكثافة السكانية في منطقة الجزيرة كانت معقولة ، ثم انه كانت لهم خبرة حيث مارس معظمهم الزراعة المطرية.
سابعاً/ موقع الجزيرة في وسط السودان سهّل من هجرة مزارعين آخرين و كذلك عمال موسميين. كما و انه سهّل الوصول اليها من الخرطوم، و نقل القطن منها الي الخرطوم و من ثم الي بورتسودان و منها بحراً الي مصانع الغزل و النسيج في لانكشير ببريطانيا و التي كانت تنتظر بفارغ صبرٍ و نهمٍ شديد الي نجاح تجربة مشروع الجزيرة.
واضحٌ انه و مما لاشك فيه ان وجود عوامل كهذه لايمكن ان تؤدي الا لاختيارٍ امثل ، و بالفعل كان اختيار منطقة الجزيرة لاجراء التجربة، ومن ثمّ لقيام المشروع، اختياراً موفقاً.
التطورات التي لازمت قيام المشروع/
بعد موسمين من بدأ تجربة طيبة في العام 1911م، بدأت الإدارة البريطانية في السودان في الاقتناع بنجاح تجربة زراعة القطن في منطقة الجزيرة. و شرعت الادارة في التفاوض مع لندن و القاهرة لاجل اكمال انشاء المشروع. تركز التفاوض علي نقطتين اساسيتين /
الاولى / التفاوض مع لندن علي ضرورة الحصول علي قرض وذلك لبناء خزان سنار لاجل ري المشروع ومن ثمّ التوسع فيه.
الثانية/ التفاوض مع القاهرة لاجل تأمين موافقتها علي كمية المياه التي يمكن استعمالها لري المشروع من خزان سنار علي النيل الازرق.
فيما يخص النقطة الاولى وافقت لندن و بعد مفاوضات طويلة علي منح الخرطوم قرضاً بمبلغ ثلاثة مليون جنيه استرليني و هي تكلفة بناء الخزان، إلا ان الحرب العالمية الاولى اوقفت التحضيرات لبنائه ، و لم يبدأ العمل فيه الا بعد انتهائها. اكتمل العمل في الخزان في العام 1925م، و هو التاريخ الرسمي لبداية مشروع الجزيرة.
اما فيما يخص النقطة الثانية فقد وافقت مصر علي بدء العمل في مشروع الجزيرة و بناء خزان سنار شريطة الا تتجاوز مساحة الارض المروية 300,000 فدان (ثلاثمائة الف فدان). و كُفل لمصر الحق في بناء خزان جبل اولياء. و هنا يبقى من الضروري الاشارة الي، و كذلك تسجيل الملاحظة الهامة ، ان بدء الري في مشروع الجزيرة و كذلك كل اطوار التوسع في الرقعة المروية فيه اعتمدت اعتماداً كاملاً علي موافقة مصر بسبب ان مياه الري تسحب بكاملها من النيل الازرق.
التزمت ادارة الحكم الثنائي بهذه المساحة حتى عام 1929م عندما تم توقيع اتفاقية مياه النيل لعام 1929م و التي حددت حصة السودان في مياه النيل بـ 1,3 مليار متر مكعب، إرتفعت فيما بعد لتصل الي 4 مليار متر مكعب، مقابل 24 مليار متر مكعب لصالح مصر، ارتفعت فيما بعد لتصل الي 48 مليار متر مكعب. و نتيجةً لذلك بدأت الادارة البريطانية التوسع في المساحة المروية في مشروع الجزيرة. و قد تدرج التوسع خلال المراحل التالية/
1- في العام 1926م كانت المساحة 300,000 فدان،
2- في العام 1929م وصلت المساحة الي 379,000 فدان،
3- في العام 1931م وصلت المساحة الي 527,000 فدان،
4- في العام 1953م كان ان وصلت الي مليون فدان.
إثر توقيع اتفاقية مياه النيل بين مصر و السودان في العام 1959م ارتفعت حصة السودان الي 18,5 مليار متر مكعب مقبل 55,5 مليار متر مكعب لصالح مصر. ادى ذلك الوضع الي بناء خزان الروصيرص الذي اكتمل العمل فيه في العام 1964م، و من ثمّ بدأ التوسع في مشروع الجزيرة ليشمل امتداد المناقل و لتصل بذلك مساحة المشروع الي 1,800,000 فدان في العام 1966م. استمرت المساحة في التوسع حيث وصلت الآن، العام 2008م ، الي 2,200,000 فدان.
يُلاحظ انه خلال اربعين عاماً اي من 1926م و حتى 1966م كان ان زادت مساحة المشروع بما يعادل مليون و نصف فدان في حين انها لم تزد في الاربعين سنة الماضية سوى باربعمائة الف فدان فقط، اي باقل من نصف المليون فدان.
من اهم التطورات التاريخية و التي انبنت عليها تحولات ضخمة في مسار المشروع ماحدث في العام 1950م ، حيث انتهى العقد الموقع بين حكومة الحكم الثنائي و شركة السودان الزراعية التي كانت تدير المشروع. و قد حلّ محل الشركة “مجلس ادارة مشروع الجزيرة”، و المكون معظمه من سودانيين. ذلك كان هو الوقت الذي صدر فيه قانون مشروع الجزيرة للعام 1950م.
في الفترة من 1950م و حتى 1955م ادار المشروع كل من البريطانيين “آرثر جيتسكل” و “جورج ريبي” ، حيث كانت فترة الاول من 1950م الي 1953م، و الآخر من 1953م الي 1955م. و لقد كان السيد مكي عباس اول محافظ سوداني لمشروع الجزيرة، و بلغة الادب السياسي فيما بعد الاستقلال كان هو اول من بدأت به سودنة الادارة العليا في مشروع الجزيرة.
هنالك محاور اخرى يمكن تلمسها في مسار التطورات التي حدثت في مشروع الجزيرة. و هذه المحاور تتلخص في الآتي/
المحور الاول، علاقات الانتاج/
ارتكزت فكرة مشروع الجزيرة علي علاقةٍ و شراكةٍ ثلاثية بين الحكومة، الشركة و الزراع، و ذلك باعتبار الآتي،
الحكومة هي التي تملك السد و القنوات و الاراضي ( ياتي موضوع بحث ملكية الاراضي لاحقاً) . الشركة هي التي تقوم بادارة المشروع و ايضاً التمويل ـ بالطبع للقطن فقط و لا يشمل اي محصول آخر ـ ، و تشرف كذلك علي انتاج القطن. و اخيراً، الزراع و هم الذين يقومون بزراعة القطن في الحواشات تحت اشراف الشركة.
و تجدر الاشارة الي انه من المسائل، ذات الطابع المعقد، التي واجهت الحكومة و الشركة هي محاولة تحديد اسم لهولاء الزراع. و قد ذهب التفكير فيها مناحي مختلفة ، اولاً ، هؤلاء الزراع لا يملكون الارض ، و ليست لديهم حرية القرار فيما يزرعون و لا حرية تمويله او حتى تسويقه، فلذلك لا يمكن تسميتهم “مزارعين”. ثانياً، برزت فكرة تسميتهم “شركاء” ، إلا ان النظر صُرف عن ذلك الاسم لان طريقة تقسيم الارباح التي كانت تُطبق لم تكن تعكس الفكرة الحقيقة للشراكة، لان الارباح كانت توزع بعد خصم تكلفة الانتاج من الزراع. ثالثاً، تناولت بعض المكاتبات امكانية تسميتهم بـ “عمال زراعيين” ولكنه لم يتم اعتبار هذا الاسم لان العامل يستحق “اجراً ثابتاً” او التزاماً باجر من مستخدمه نظير عمل محدد و ليس جزءاً من الارباح كما هو مُطبق وقت قيام المشروع، حيث كانت الارباح توزع علي اساس النسب. و لقد كانت تلك النسب توزع كالآتي/
الحكومة نصيبها 40%، الزراع نصيبهم 40% ، و الشركة الزراعية نصيبها 20%. ظلت تلك النسب سارية من العام 1925م و حتى العام 1950م و هو العام الذي انتهى فيه العقد مع الشركة السودانية للزراعة. و تمّ فيه تعديلُ هذه التسب.
و أخيراً استقر الرأي علي تسمية هؤلاء الزراع “مستأجرين” . و هي تسمية، برغم استقرار الرأي عليها،فإنها ليست دقيقة، لان المستاجرين انفسهم، وكما هو معلومٌ، لديهم شيئٌ من الحرية في شأن الارض التي يستأجرونها ، علي الاقل في كيفية استخدامها، إلا ان الزراع في مشروع الجزيرة لا يتمتعون بأي قدر من هذا القبيل.
اما التعديل المشار اليه اعلاه فقد رفع نسبة ارباح الزراع الي 42% و الحكومة الي 42% و حدد نسبة ارباح ادارة مشروع الجزيرة بـ 10%. كما اضاف البنود التالية وهي الخدمات الاجتماعية و المجالس المحلية و صندوق الاحتياطي و حدد نسبة 2% لكل منها. و في العام 1965م و تقديراً لدور المزارعين في ثورة اكتوبر تمّ رفع نسبة ارباحهم الي 48% و خُفضت نسبة ارباح الحكومة الي 36%. و في العام 1981م تم استبدال الحساب المشترك ( و الذي يتم بقتضاه خصم التكلفة الاجمالية لكل الزراع من العائد الاجمالي لمحصول القطن و يوزيع الباقي علي الزراع) بالحساب الفردي (و الذي يتحمل فيه كل زارع تكلفة انتاج قطنه منفرداً). و تبع هذا التغيير ادخال نظام الرسوم الادارية و التي يدفع بمقتضاها كل زارع رسوم الاراضي و المياه. و هذا تحولٌ اثار الكثير من الجدل.
و لابد من ملاحظة ان نظام توزيع الارباح بعد خصم كافة تكاليف الانتاج ينقصه العدل تجاه المزارعين، خاصة في السنوات التي تدنى فيها انتاج القطن كما حدث ذلك في الثلاثينيات من القرن الماضي. و لمعالجة هذا الوضع كان ان سُمح للمزارعين بزراعة 5 افدنة من الذرة و 5 اخرى من اللوبيا وذلك لاستخدامهم الخاص دون شراكة مع الحكومة او الشركة الزراعية و ادارة المشروع لاحقاً.
إن اتفاقية الايجارة التي اقرت الشراكة مبدأً قد اعطت الشركة الزراعية الحق في ان تقوم باي دورٍ للمستأجر حال فشله القيام به علي ان تخصم التكاليف المترتبة علي ذلك من ارباح المستأجر. و يلاحظ كذلك ان التركيبة المحصولية للدورة الزراعية في المشروع قد شهدت هي الاخرى تغييرات مختلفة قبل ان تستقر في الفترة بين تسعينيات القرن الماضي و حتى العام 2005م علي زراعة (1) القطن، (2) القمح، (3) الفول السوداني و الخضروات، (4) الذرة، و (5) البور .
المحور الثاني، الاراضي/
بعد أن استقرت الامور لادارة الحكم الثنائي ، بدأت في تسوية و تسجيل الاراضي التي استطاع مستعملوها اثبات ملكيتها. وجدت الادارة ان جزءاً من الاراضي التي سيقوم عليها مشروع الجزيرة هي ملك حر لبعض الافراد. و بناءاً عليه و بعد عدة مداولات قررت الادارة الا تنزع هذه الاراضي من اصحابها للصالح العام و تعوضهم كما يقر القانون. جاء القرار بشكله ذلك لعدة اسباب ، منها ، اولاً/ الخوف ان يؤدي نزع هذه الاراضي الي اضطرابات وثورات. ثانياً/ الخوف الا تنجح زراعة القطن ، و التي هي الاساس الذي قام عليه المشروع، و ثالثاً/ التكلفة العالية للتعويضات التي كانت ستدفع لملاك الاراضي في حالة نزع هذه الاراضي. و قد كان ان نزعت الحكومة بعض الاراضي لاقامة المباني و القنوات و فامت بدفع تعويض و قدره جنيهاً واحداً عن كل فدان.
لهذه الاسباب تقرر ان يتم تاجير الاراضي الملك الحر من ملاكها ايجاراً قسرياً بواقع عشرة قروش ـ اي ريال ـ للفدان في العام الواحد. و من ثمّ تضاف تلك الاراضي الي الاراضي الحكومية، علي ان يتم تاجير هذه الاراضي كلها في شكل حواشات للمزارعين حتى ولو كانوا ملاكاً.
علي إثر ذلك صدر قانون “اراضي الجزيرة” لعام 1927م لاجل تقنين و تنظيم ايجار الاراضي الملك الحر للحكومة و لمدة 40 عاماً، انتهت في العام 1967م. وهو العام الذي طالب فيه بعض الملاك ـ هم وراث في غالبيتهم ـ باعادة اراضيهم اليهم، في حين طالب آخرون منهم بزيادة الايجار ليواكب الاسعار وقتها. كونت لجنة لهذا الغرض ، إلا انها لم تصدر تقريرها حتى قيام انقلاب 25 مايو 1969م. و منذ ذلك التاريخ ظلّ موضوع “اراضي الجزيرة الملك الحر”، و هي 900 الف فدان، موضوعاً تتناقله ايدي اللجان حتى يومنا هذا. و من اميز اللجان التي تناولته هي اللجنة التي ترأسها المستشار القانوني الاستاذ عبدالله احمد مهدي و التي اصدرت تقريرها عام 2003م. و يمتاز هذا التقرير بالدقة و العمق في تحليل مسألة الاراضي هذه.
رفض الملاك استلام الـ 10 قروش منذ العام 1972م مطالبين بتعديلها الي ما يعادل القيمة الحقيقية للـ 10 قروش في العام 1927م. فبرغم تكوينهم لجمعيتهم المعروفة بـ “جمعية ملاك مشروع الجزيرة”، و تمثيلهم في عدة لجان ، بل و برغم صدور قانون 2005م ، (و الذي يؤكد الملكية و لكنه ينزع هذه الاراضي مقابل تعويض عادل) فإن مسالة الاراضي في مشروع الجزيرة لم يتم حسمها بالشكل الكافي بعد!!!. و هنا لابد من القول بانه ما لم تتم معالجة هذه المسالة و بقدر الحاحها فإنها ستكون حجر عثرة في طريق تطور المشروع.
الجـــزء الثــــالث
الملامح العامة و الوضعية الحالية لمشروع الجزيرة
1- تنظيم المشروع/
من الملامح الاساسية لمشروع الجزيرة هي مساحته و التي تبلغ 2,2 مليون فدان. تم تنظيم هذه المساحة في 18 قسم تراوحت مساحة كل قسم بين 60 الف الي 190 الف فدان. تمّ تقسيم كل قسم الي عدة تفاتيش ـ و هي جمع تفتيش . تفاوت عدد تفاتيش الاقسام بين 4 الي 8 تفاتيش للقسم الواحد.و كذلك تمّ توزيع التفتيش الواحد الي نِمر و مفردها “نمرة”، و مساحة النمرة الواحدة تساوي 90 فداناً. ينتهي التنظيم في تقسيم النمرة الواحدة الي حواشات، و تتفاوت مساحة الحواشة بين 10 و 40 فدان في الجزيرة رغم ان معظم الحواشات مساحتها 20 فدان. اما في المناقل فتتراوح مساحة الحواشة الواحدة بين 7,5 الي 30 فدان رغم ان معظم الحواشات مساحتها 15 فدان. من بين اشكال التنظيم نكتفي بتفصيل الاقسام لانها اكثر الوحدات تلخيصاً لملامح المشروع كما و انها تلعب دورهاً في الطريقة التي يعتمد عليها في انتخاب و اختيار الممثلين في تنظيم الزراع النقابي و المعروف بـ “اتحاد مزارعي الجزيرة و المناقل”. تلك الاقسام، حسب ترتيبها المعروفة به ، هي/
(1) القسم الجنوبي (2) قسم الحوش (3) القسم الاوسط (4) قسم المسلمية (5) قسم وادي شعير (6) قسم ود حبـوبه (7) القسم الشمالي (8) القسم الشمالي الغربي (9) قسم ابو قوته (10) القسم الشرقي (11) قسم المكاشفي (12) قسم الشوال (13) قسم الجاموسي (14) قسم الماطوري (15) قسم معتوق (16) قسم المنسي (17) قسم التحاميد ،و اخيراً (18) قسم الهـدى.
و يلاحظ ان القسم الشرقي هو القسم الوحيد الذي يقع خارج منطقة الجزيرة و لا يروى من الخزان، حيث انه يقع في منطقة شرق النيل ، و يروى بالطلمبات. يتبع هذا القسم ادارياً لمشروع الجزيرة و يضم كل من ود الفضل، حداف، و الحرقة/ نور الدين.
ويعتقد البعض ـ وهذا فهمٌ سائد ـ ان مشروع الجزيرة هو اكبر مشروع زراعي في العالم تحت ادارة واحدة. وهذا الاعتقاد ليس صحيحاً، إذ ان هناك عدة مشاريع اكبر منه مساحةًً تحت ادارة واحدة.
2- التركيبة السكانية للمشروع
و القوى العاملة فيه/
يضم المشروع حوالي 128 الف زارع ، و يكِّونون مع اسرهم حوالي مليون نسمة. هناك حوالي 150 الف عامل موسمي و يكِّونون مع اسرهم اكثر من مليون نسمة، و يعيشون في اوضاعٍ سيئة و معظمهم في معسكرات تعرف بـ”الكنابي”، و الواحد منها “كمبو”. وضعهم بشكلٍ عام أسوأ من وضع الزراع و الذين يعيش معظمهم أيضاً في حالة من الفقر.
هنالك 5 الف عامل و موظف يتبعون او يعملون في ادارة مشروع الجزيرة ، و لقد كان هذا العدد يبلغ حوالي 10 الف عامل و موظف خلال الثمانينيات من القرن الفائت، خصوصاً بعد الانتقال الي الحساب الفردي و الذي احتاجت الادارة بسسببه الي عددٍ كبيرٍ من المحاسبين. و يمكن ان يعتبر هذا النقص واحداً من المؤشرات علي التحولات التي مرت بالمشروع.
يقع ثلث ولاية الجزيرة تحت ادارة المشروع و يتأثر 80% من سكان الجزيرة و البالغ عددهم 6 مليون بشكل مباشر او غير مباشر بالمشروع. تُمثل ولاية الجزيرة في مجلس ادارة المشروع.و لابد من الاشارة الي ان بالمشروع ثروة حيوانية تُقدر ب حوالي 3 مليون رأس من المواشي.
3- أصول المشروع/
تتكون اصول المشروع و التي تمتلكها الدولة ممثلة في وزارة المالية من الآتي:
أ- الاراضي التي تملكها الحكومة و التي تبلغ مساحتها حوالي 1,3 مليون فدان. (يجب ملاحظة ان الـ900 الف فدان المتبقية هي اراضي ملك حر، كما اشرنا سابقاً).
ب- مراكز الخدمات ، او مراكز التكلفة ، و التي تشمل:
* 14 محلجاً ، 7 منها في مارنجان،6 في الحصاحيصا و محلج واحد في الباقير.
* الورش الهندسية
* سكك حديد الجزيرة، و تغطي 1300 كيلو متر ، و
* شبكة الاتصالات.
ج- اسطول من السيارات و الآليات(تركتورات و حاصدات).
د- مخازن سعتها التخزينية تُقدر بحوالي 2,5 مليون طن.
هـ- مباني سكنية و مكاتب و شبكة للطرق.
و- هيئة البحوث الزراعية ، و التي كانت فيما سبق تعرف بـ “محطة ابحاث الجزيرة”
ز- شبكة الري و طولها حوالي 150,680 كيلو متر و هي بدورها تتكون من :
* قناتين رئيسيتين طولهما معاً 260 كيلو متر
*11 قناه فرعية ، (تعرف محلياً بـ”الميجر”) ، و طولها 650 كيلو متر
* 107 قناة كبرى ( و تعرف محلياً بـ “الكنار”)و طولها 1,650 كيلو متر
* 1,570 قناه صغرى ( و تعرف محلياً بـ “الترعة”) و طولها 8,120 كيلو متر
* 29,000 ابو عشرين و طولها 40,000 كيلو متر ، و اخيراً
* 350,000 ابو ستة و طولها يبلغ حوالي 100,000 كيلومتر.
هكذا كان مشروع الجزيرة علي قدرٍ عالٍ من التنظيم، إلا ان هذه الشبكة و التي كانت تمثل شريان الحياة لمشروع الجزيرة اصابها الكثير من التدهور. و بالنتيجة لحق ذلك التدهور بمجمل نشاط المشروع و عملية الانتاج فيه.
4- القوانين التي نظمت و تنظم عمل المشروع/
خضع العمل بالمشروع منذ قيامه لقوانين منظمة له و منظمة كذلك للعلاقة بين اطرفه المعروفة و هي حكومة السودان ، ادارة مشروع الجزيرة و التي جاءت خلفاً لشركة السودان الزراعية في العام 1950م ، و الزراع و الذين يمثلهم اتحاد المزارعين. لم تكن تلك القوانين ثابتة و انما تحولت و تطورت حسب مراحل التطور التي شهدها المشروع عبر تاريخه. إنها لم تكن مرتبطة بتلبية احتياجات التنظيم في المشروع فحسب و انما و بنفس القدر او اكثر قد ارتبطت بالظروف و بالتحولات السياسية التي شهدها السودان.
سنشير اجمالاً للقوانين التي نظمت العمل في مشروع الجزيرة مع التركيز بشكلٍ خاص علي آخر تلك القوانين و هو قانون العام 2005م. و يمكن تتبع تلك القوانين كما يلي/ منذ البداية قام المشروع و خضع لبنود اتفاقية 1925م التي تمت بين ادارة الحكم الثنائي و شركة السودان الزراعية.و التي اوضحت حقوق و واجبات كل طرف. في العام 1926م صدرت اتفاقية الاجارة بين شركة السودان الزراعية و المستأجرين (الزراع)، و تمّ تطويرها في العام 1936م. و اعقبها في العام 1927م صدور قانون اراضي الجزيرة و الذي بمقتضاه تمت الإجارة القسرية لاراضي الملك الحر بمشروع الجزيرة ، والذي حلّ مكان قانون العام 1921م.
و كذلك صدر قانون مشروع الجزيرة للعام 1950م، حيث انتقلت بموجبه ادارة مشروع الجزيرة من شركة السودان الزراعية الي ادارة مشروع الجزيرة. و بعده صدر قانون للعام 1960م لتقنين اضافة امتداد المناقل ليصبح جزءاً من مشروع الجزيرة. و تلك هي الفترة التي شهد فيها مشروع الجزيرة توسعاً كبيراً في مساحته و زيادة في عدد زراعه، و بالطبع اثر ذلك في سير تطور المشروع في جوانب عدة اقلها قوة و اتساع نفوذ اتحاد مزارعي الجزيرة و المناقل.
و في العام 1984م صدر القانون الذي قنن الحساب الفردي الذي طُبِق عملياً في العام 1981 م، عند الغاء الحساب الجماعي. و يعتبر الغاء الحساب الجماعي المشترك واحداً من التحولات المؤثرة في مسار المشروع. اثار ذلك التحول جدلاً واسعاً إن كان داخل مشروع الجزيرة و بين اطرافه او خارجه.
اما آخر قانون صدر بشأن تنظيم العمل في مشروع الجزيرة فهو قانون مشروع الجزيرة للعام 2005م و الذي وافق عليه و اجازه البرلمان الحالي اي المجلس الوطني. و سيكون الجزء الخامس من هذه السلسلة مكرس لعرض و تناول ذلك القانون.
5- دور مشروع الجزيرة في التحول الاقتصادي و الاجتماعي و السياسي في السودان/
إن الحديث في هذا الجانب فيما يخص المشروع ـ و الاشارة لدكتور سلمان ـ شائك و معقد و طويل، حيث ان استجلاءه قد يحتاج الي جهودٍ متضافرة، كذلك، من ذوي الاختصاصات في حقول الاقتصاد، علم الاجتماع و علوم السكان و غيرها. و في هذا الصدد اود إضاءة الحقائق التالية/ اولاً/ احدث مشروع الجزيرة طفرة كبرى في المناحي الاقتصادية و الاجتماعية بمنطقة الجزيرة. و ساهم كذلك مساهمة بينة في الاقتصاد السوداني ككل حتى بداية السبعينيات من القرن المنصرم.
ثانياً/ صار المشروع قبلة للسودانيين من كل انحاء البلاد، و بل من دول غرب افريقيا حيث اصبح بالتالي نقطةً للتداخل بين هذه المجموعات المختلفة.
ثالثاً/ ساهم المزارعون و العاملون بالمشروع من موظفين و عمال في إرساء العمل النقابي في السودان و تطويره ليساهم بشكل فاعل في نيل السودانيين لاستقلالهم، حيث نفذ العمال و الموظفون اضراب العام 1941م و كذلك نفذ المزارعون اضراب العام 1946م بواسطة تنظيمهم المعروف بـ “جمعية المستأجرين بالجزيرة” و ذلك، بالطبع، قبل ان يتحول تنظيم المزارعين ليعرف بـ “اتحاد مزارعي الجزيرة و المناقل” كما هو الآن. كان شيخ احمد بابكر ازيرق اول رئيس لجمعية المستأجرين ، في حين ان شيخ الامين محمد الامين كان اول رئيس لاتحاد المزارعين.
لعب اتحاد المزارعين ( لاحظ انه لم يحمل اسم اتحاد المستأجرين) دوراً رائداً في ثورة اكتوبر 1964م ، و الذي علي اثره كان ان أُختير شيخ الامين محمد الامين وزيراً لحقيبة الصحة في حكومة اكتوبر 1964م. و قد كان في ذلك اعترافٌ واضحٌ بدور المزارعين في انجاز ذلك التحول السياسي الذي انتظم البلاد وقتها.
هكذا كان مشروع الجزيرة و بكل قطاعاته دائماً في قلب التحولات التي شهدها السودان، و قد اهله لذلك الموقع ليس فقط العمل النقابي القوي الذي كانت تقوم به قيادات المزارعين و العمال و الموظفين ، و انما اهله ايضاً السند الحقيقي الذي كان يقدمه لدعم الاقتصاد الوطني في كل عمومه. اعقب ازدهار المشروع تدهورٌ بدأت بوادره تلوح في مطلع السبعينيات من القرن الماضي. و هو تدهورٌ قعد بالمشروع من ان يلعب ذلك الدور الذي كان ان قام به و لعقودٍ من الزمن.
كانت هنالك اسباب كثيرة وراء ذلك التدهور. و سيكون ذلك هو محل تناولنا في الجزء القادم.
الجزء الرابــع
تــدهــور المشــروع و اسبـابه/
بدأ مشروع الجزيرة، تاريخياً ، يشهد تدهوره الملحوظ منذ بداية السبعينيات من القرن الماضي. ادى ذلك التدهور الي تفاقم المشاكل التي كانت موجودة اصلاً، ثم ان هناك مشاكل اخرى استجدت علي اثره مما سارع في وتيرة تراجع المشروع و علي كل المستويات. و ما تكوين اللجان المختلفة و في الفترات التاريخية المختلفة الا دليل علي احساس الحكومات المتعاقبة، و القائمين علي امره بخطورة الوضع السيئ الذي يواجهه المشروع.
كانت هناك عدة اسباب وراء تدهور مشروع الجزيرة و التي يمكن تلخيصها فيما يلي/
اولاً/ ان عمليات صيانة قنوات الري كانت متخلفة و دون التحدي الذي كانت تفرضه مشكلة الطمئ الوارد من الهضبة الاثيوبية و بكميات كبيرة، حيث بدأ يتراكم في القنوات المختلفة مما ادى الي تكاثر الحشائش و بالتالي اثر علي اداء تلك القنوات و أدى في النهاية الي ضعف أدائها في عملية الري.
ثانياً/ أثّر وجود الطمئ أيضاً علي أداء خزاني سنار و الروصيرص، حيث فقدا نصف طاقتيهما التخزينية بسببه. و هنا لابد من الإشارة الي الأثر السلبي لاحتدام التنافس علي استغلال مياه خزان الروصيرص بين الاستعمالات لاغراض الري و الاستعمالات لأجل توليد الطاقة الكهربائية إذ أن الخزان لم يكن، في الأصل، مصصماً لاداء الاثنين معاً.
ثالثاً/ كان لزيادة اسعار المحروقات عالمياً، و التي بدأت في العام 1973م، آثاراً واضحة علي المدخلات الزراعية و الوقود حيث فشلت الحكومة في توفير العملة الصعبة لأجل إستيرادها. رابعاً/ أدت زيادة الانتاج من القطن في آسيا الوسطى و الصين و الهند الي تدني أسعاره عالمياً. و قد كان لذلك أثره علي دخل المشروع من محصول القطن.
خامساً/ أدت الزيادة الكبيرة في تكاليف الانتاج الي إضعاف رغبة المزارعين في الزراعة مما أدّى الي هجرة عددٍ كبيرٍ لها و كذلك الي توقف الكثيرين منهم عن العمل فيها.
سادساً/ تحت هذه الظروف غير المواتية لم يؤد التغيير من نظام الحساب الجماعي المشترك الي الحساب الفردي للنتائج المتوقعة، خاصة و أنه كانت هناك أصلاً ليس فقط تحفظات و إنما معارضة من عددٍ من المزارعين لذلك.
سابعاً/ دخل المشروع عملياً فيما يسمى بالحلقة المفرغة او الدائرة الجهنمية، و التي تبدأ بالري الضعيف الذي يساهم فيه الاداء الضعيف لشبكة الري و عدم اشراك المزارعين في عملية الري. وذلك الري الضعيف يؤدى بالتالي الي تدني الانتاج و الذي ينعكس بدوره في مداخيل منخفضة و غير مجزية مما يتسبب في تفشي حالة من عدم الرضا بين المزارعين، هذا من جانب ،اما من الجانب الآخر فإنه يودي الي عجز في استرداد تكاليف الري و بالتالي الي ضعف تمويل الصيانة و التشغيل ، و معلومٌ ان عدم القيام بالصيانة و ضعف التشغيل لا يؤديان في نهاية الامر إلا الي وجود شبكة للري متهالكة ، و دون وظيفتها مما يؤدي الي ضعف عملية الري، و من هنا تبدأ الحلقة الشريرة في التكرار و الدوران الجهنمي!!!.
ثامناً/ التخبط في السياسات الزراعية و قصر فترات وزراء الزراعة و مديري المشروع زاد الوضع سوءاً. في فترة السبعينيات كان متوسط فترة خدمة وزير الزراعة عام و احد، كما و اننا نجد انه و منذ العام 1955م تعاقب علي المشروع عشرون محافظاً و مديراً عاماً بالاضافة الي عددٍ كبيرٍ من المديرين بالانابة.
تاسعاً/ لم تؤد محاولات اعادة تاهيل البنية التحتية للمشروع في العام 1983م الي نتاشج ايجابية بسيبب غياب الاصلاح المؤسسي.
جرت عدة محاولات في التصدي لتدهور المشروع، و كونت عدة لجان و في فترات مختلفة كما اسلفنا. و قد اعتمدت تلك اللجان بشكلٍ اساسٍ علي كتاب آرثر جيتسكل ” الجزيرة ـ قصة تنمية في السودان”، و الذي صدر في عام 1959م و لكنه ما زال المرجع الاساس لقصة قيام و تطور مشروع الجزيرة. و من اهم تلك اللجان و التقارير/
(1) تقرير محطة أبحاث الجزيرة الذي صدر عام 1963م و تناول بشكلٍ اساسٍ القضايا المتوقع حدوثها بعد إكتمال العمل في إمتداد المناقل.
(2) تقرير البنك الدولي لعام 1966م و الذي أُطلق عليه “تقرير ريتس” إشارةً الي السيد “ليونارد ريتس” رئيس فريق العمل الذي أعدّ التقرير.
(3) تقرير “اللجنة العاملة لمشروع الجزيرة” لعام 1967م. و قد ترأس تلك الجنة الدكتور حسين ادريس و قد ساهم معه في إعداد التقرير البروفيسر سمسن أستاذ الاقتصاد الزراعي بجامعة ليدز بالمملكة المتحدة.
(4) تقرير البنك الدولي لعام 1983م، و الذي تمّت بموجبه إعادة تأهيل مشروع الجزيرة بقروض ميسرة من البنك الدولي و الصندوق العربي للتنمية الاقتصادية و الاجتماعية و الحكومتين الايطالية و اليابانية. و قد كان شرط المانحين لتقديم عونهم إصدار قانون مشروع الجزيرة لعام 1984م، و هذا ما حدث.
(5) التقرير الوزاري في العام 1993م الذي جاء إثر التحولات الاقتصادية التي تبنتها الحكومة في تلك الفترة.
(6) تقرير لجنة عام 1998م، و التي ترأسها الدكتور تاج السر مصطفى، و قد تعرضنا لهذا التقرير في الحلقة الاولى، و قد أوصى ذلك التقرير بقيام شركة مساهمة تؤول إليها ملكية مشروع الجزيرة.
(7) تقرير الفريق المشترك بين البنك الدولي و حكومة السودان لعام 2000م، و الذي أعقبه صدور قانون مشروع الجزيرة لعام 2005م.
(8) تقرير لجنة الإصلاح المؤسسي لمشروع الجزيرة برئاسة الدكتور عبدالله احمد عبدالله لعام 2004م.
(9) تقرير ورشة العمل الاولى التي انعقدت عام 2004م حول مسودة قانون مشروع الجزيرة.
(10) تقرير ورشة العمل الثانية التي ترأسها الدكتور مامون ضوء البيت ، و التي إنعقدت عام 2005م حول تطبيق قانون مشروع الجزيرة لعام 2005م.
(11) تقرير لجنة عام 2007م ، و التي ترأسها الدكتور عبد الوهاب عثمان . وقد ناقش تقريرها المعوقات التي تقف في طريق تنفيذ قانون العام 2005م.
و نسبةً للطبيعة الصُحفية لهذا العرض و لضيق المساحة لن نعرض بالتفصيل لكل التقارير، و لكنا سنكتفي بالقاء بعض الضوء علي ثلاثة منها.
اولاً/ تقرير “ريتس” لعام 1966م:
كان البنك الدولي قد موّل بعض تكلفة البنية التحتية و الآليات و الدراسات الخاصة بامتداد المناقل عام 1960م. و موّل ايضاً الجزء الاكبر من تكلفة خزان الروصيرص عام 1961م بعد توقيع اتفاقية مياه النيل في العام 1959م. و عليه فقد وافق البنك الدولي علي الطلب الذي قدمته حكومة عبود في اوائل العام 1964م لدراسة مسألة التركيبة المحصولية لمشروع الجزيرة، إضافة الي الي تكوين و تحديد صلاحيات مجلس ادارة مشروع الجزيرة. و قد واصلت اللجنة اعمالها بعد قيام ثورة اكتوبر 1964م، و اصدرت تقريرها في العام 1966م. و قد عمل مع فريق البنك الدولي مجموعة من الخبراء السودانيين علي رأسهم البروفيسر “النذير دفع الله” مدير جامعة الخرطوم وقتها.
ركّز التقرير عموماً علي علاقات الانتاج داخل المشروع، و انتقد بشدة نظام الحساب الجماعي وقتها، و أشار إلي أن نظام الشراكة يقلل كثيراً من حوافز الانتاج بالنسبة للمزارع. و قد إقترح التقرير إدخال حرية إختيار المحاصيل. و لكن هذه التوصية رُفِضت بشدة بواسطة الحكومة و إدارة المشروع. اقترح التقرير ايضاً إدخال تجربة تربية الحيوان بالمشروع، و كذلك تنظيم المزارعين في جمعيات تعاونية.
ثانياً/ تقرير لجنة د. حسين إدريس:
إتفقت هذه اللجنة مع لجنة البنك الدولي في مقترح حرية اختيار المحاصيل و رأت ايضاً ان صغر مساحة الحواشة ليس اقتصادياً و أن الحيازات الكبرى أقل تكلفةً من الصغرى. و اقترحت اللجنة تجميع الحيازات في منطقة واحدة للمزارع الواحد، و رفع الحد الادنى بالنسبة للحيازة، كما و اقترحت أيضاً إلغاء نظام الشراكة و الاستعاضة عنه برسوم سنوية علي الارض. و اوصت اللجنة ايضاً بادخال اللامركزية في ادارة الاقسام، و اعطاء كل قسم الصلاحيات في ادارة العمليات الزراعية.
لمشاهدة المقال كامل اضغط هنا